لم يكتب فرهادي نصاً متشابكاً كهذا من قبل، وبالرغم من ذلك فهو ثري بالعبر والرسائل، لعل أسمى عبرة نستخلصها هنا هي مدى خطورة الدين، كل المصائب التي تفرّغت خلال أطوار الفيلم هي من تبعات عدم قضاء الدين ؛ هو الخطأ الفظيع الذي ارتكبه بطلنا هنا ودفع ثمنه الجميع.

مرة أخرى يثبت فرهادي أنه قادر على إرغامنا بالتعاطف مع جميع شخوص القصة، لا يبني الشر أو الخير، فقط ينثر الأسى على وجوه الجميع، من البطل وأسرته، إلى حبيبته وأسرتها، إلى الشخص الذي أقرضه المال وابنته، إلى أعضاء الجمعية الخيرية التي جمعت له الفدية، إلى مسؤولي السجن.. الكل يغرق في الكرب وخيبة الأمل بتوالي الأحداث. لم أتعاطف كثيراً مع البطل لأنه ارتكب الكثير من الزلات والخطايا بل أيّدت ما قاله مُقرضه.. رغم ما يبدو عليه من قساوة، المسكين بدوره عنصر في معادلة اليأس هاته.

" أي عمل نبيل قام به؟ حتى لو وجد تلك الحقيبة وأرجعها لصاحبها.. فهو لم يقم سوى بواجبه. العديد من الناس في وضعيات أسوأ من وضعيته، بإمكانهم السرقة لكن لا يقدمون عليها. هل سيحتفلون بذلك؟ أنا لم أقلل من احترام أي شخص في حياتي. هل سأُمنح شهادة تقدير على ذلك؟ أي ناحية في العالم يتم الاحتفال بالناس لأنهم لم يرتكبوا مخالفات؟ لقد قمت بعمل نبيل بدوري منذ ثلاث سنوات حينما اعتبرته فردا من العائلة. لقد أعطيت شيك سندات إلى مانح قروض فقط لكي يفتتح عملا خاصا به. قمت بالعمل النبيل حينما لم يلتزم بأداء ديونه. لقد بِعت مجوهرات زوجتي لتسديد ديونه، الفائدة والغرامات. والآن هو بطل؟! وأنا الذي ضحيت من أجله صِرت المقرض اللعين؟ " - بهرام

حبيبته ضحت من أجله بشكل لا يوصف، بدايةً أقدمت على نيتها لتمنحه المال الذي وجدته، ثم همت لمساعدته حينما اعتدى على مقرضه، وشاركت معه في عملية التمثيل على الموظف الحكومي وصمدت أمام تهديدات أخيها.. كل ذلك في سبيل الحب ؛ الحب هو الزهرة النقية التي تبزغ بين رفات كل تلك الفوضى والمصائب.