لم أشاهد الكثير من أفلام كوروساوا بعد حيث أن Yojimbo ليس إلا فلمي الرابع له، ولم الحظ أن seven samurai وIkiru كانا أبكر إنتاجاً منه إلا بعد إنهاءه وهو ما أثار ذهولي واستغرابي قليلا، إلا أن ما لم أكن بمتوقعه هو التوجه الذي اتبعه كوروساوا في طرح فلمه هذا، أعني من كان ليتوقع أن الفلم سيكون ذو طابع مرح احتفالي -أن صح التعبير- في تقديمه المسرحي المرح وموسيقاه المبتهجة نوعا ما..
فالقصة لم تكن بالتي توحي بهذا فهي تروي حكاية…
فلم every day a good day من الأفلام القليلة التي تملك أسم يصفها خير وصف، قد يكون مبهماً قليلاً بالبداية إلا أن الإبهام يزول بمجرد خوض هذه الرحلة الآسرة مع الفلم..
رحلة عذبة بسيطة مشرقة دون مفاجآت أو أحداث غير اعتيادية ينصب اهتمامها على الحياة والجريان رفقة تيارها المتدفق وتقدير كل لحظة فيها بطرح خطي واضح ييسر تتبعه من المستحيل التشتت فيه، ببداية قد توهم بعمل متواضع لا يرقى للتطلعات، ولكن ما أن تمر الدقائق حتى تجد تماسكاً ذو تكامل…
- غالبا في حرق -
لَسْتُ أعلمَ مِن أين أبدأ تحديداً عِندَ الحديث عن تُحفة فنّيَّة كالتُحفة التي صنعها هاياو ميازاكي هُنا .. بدا الفلم ببداية مشوقة جذابة تستدعي السمع و الأبصار ، ممتلئة بالغموض في أرض مجهولة لا يُسمع فيها الا هَدِيرُ الرياح المُتَلاعِبة بِاِغصان الاشجارِ و اوراقِها .. انذاك كانت تشيهيرو يعتريها الخوف من هذا المكان و في حاله قلق و عدم اطمئنان لشدة غرابته و سكونه ، و لكن انجرت لهُ بسبب والديها و فضولهم غير مُكْتَرِثّيّن…
يبدأ تاكاهاتا فلمه المستمدة أحداثه من رواية أكايوكي نوساكا المستندة على أحداث حقيقة ببداية عكسية بتعبير شديد مباشر واضح جلي يخبر فيه بطل قصتنا المرتدة عليه ألوان الدمار و النيران أن هذا اليوم و هذه اللحظة هي لحظة وفاته، مرميا بذاك الجسد الهالك الذي اضناه التعب و المرض و الفقر و الشدائد المتوالية، و بثيابه الرثة الممزقة، مرميا على قارعة الطريق بعد مضي شهر و يزيد على أحداث ذاك اليوم المروع ليصبح مشردا بلا قريب ولا مأوى أو حتى ناظر…
